"المساء" تزور اللاجئين السوريين بمخيم سيدي فرج:

توقعنا هذا الكرم من بلد الثوار

توقعنا هذا الكرم من بلد الثوار
  • 2212
روبورتاج: أمين.ع روبورتاج: أمين.ع
«الشام الله حاميها ومهما طال الانتظار سنعود يوما إلى بلادنا، نشكر السلطات الجزائرية على هذه الوقفة الإنسانية المتوقعة من بلد الثوار، أدعو كل العائلات السورية اللاجئة إلى الجزائر للالتحاق بنا بمركز سيدي فرج فالأوضاع هنا أحسن بكثير من الفنادق، نعيش أجواء رمضانية تضامنية وسط العائلات الجزائرية، لن ننسى هذه الوقفة فقد عادت الطمأنينة لقلوبنا بعد أيام حالكات عشناها بسبب الحرب"، بهذه الكلمات استهل رب عائلة سورية حديثه إلينا بمركز الاستقبال بسيدي فرج.
كانت الساعة التاسعة والنصف ليلا عندما دخلنا مركز سيدي فرج لعمال شركة "نات كوم" للوقوف على وضعية العائلات السورية اللاجئة داخل هذا المركز الذي خصص لهم في إطار التكفل التام بهذه الفئة التي طرقت باب الجزائر هربا من حرب لا تزال تعصف ببلدهم لحد الأن.
 
لهذه الأسباب قررنا اللجوء إلى الجزائر
يروي أحد اللاجئين  "فهد الحموي" وهو تاجر دمشقي كان يسوق منتجاته إلى الجزائر، أن تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا وخوفه من تعرض عائلته للقتل والتعذيب وانقطاع أي أمل لعودة الأمن ومعرفته الخاصة للجزائر هي أسباب  قدومه رفقة زوجته وأبنائه الأربعة الشهر الماضي في رحلة عبر الخطوط الجوية الجزائرية، وحسب المتحدث الذي كان يقيم في حي الزاهرة بدمشق فإن قرار الخروج النهائي من سوريا جاء بعد تعرض الكثير من الطائفة السنية بدمشق للقتل والقصف العشوائي لمنازلهم وتعرض العديد منهم للاعتقالات غير المبررة، موضحا أن حيه يسكنه سنة وعلويون وأن الكثير من العائلات السنية في مدينة حلب وحمص تعرضت للاغتيال من قبل جيرانها من العلويين ليلا.
 
سوريون ينتظرون عائلاتهم اللاجئة إلى لبنان وتركيا
ونقل فهد عن أحد اللاجئين فضل عدم الحديث إلى الصحافة، معاناة بعض اللاجئين السوريين، حيث أكد أن بعض اللاجئين هربوا في وقت سابق من بداية الحرب بعائلاتهم إلى مخيمات اللاجئين في تركيا ولبنان والأردن وأنه مع زيادة حدة الحرب بين الجيش النظامي والمعارضة المسلحة خاصة في المعابر الحدودية تعذر على الكثير منهم الخروج برا والتحقوا مباشرة بالجزائر، وأضاف المتحدث أنهم ينتظرون من السلطات الجزائرية السماح لهم بجلب عائلاتهم من المخيمات خاصة في لبنان.
ويؤكد اللاجئ فهد الحموي أن الكرم الذي يلقاه يوميا من قبل الجزائريين متوقع من بلد الثوار والمليون ونصف المليون شهيد وهو سلوك ليس غريبا -أضاف فهد- بالنسبة له بحكم تعامله التجاري مع الجزائريين، وحسب المتحدث فإن كرم الضيافة والمعاملة الجيدة التي تلقاها العائلات السورية من عمال مركز استقبال سيدي فرج أو حتى من المواطنين الذين يعرضون عليهم يوميا التكفل بهم أنست العديد منهم وضعية اللجوء والخوف والقلق الذي ظل يطاردهم منذ خروجهم من سوريا وأن الكل يحس أنه ليس غريبا عن هذا البلد.
 
مخيمات اللاجئين في الأردن وتركيا ولبنان عبارة عن معتقلات
يرى فهد أن مركز سيدي فرج لا يمكن مقارنته بمخيمات اللاجئين السوريين في كل من الأردن وتركيا ولبنان، حيث أكد المتحدث أنه بالرغم من أن الهلال الأحمر هناك يوفر كل حاجيات اللاجئين، إلا أنها تبقى عبارة عن معتقلات نظرا لانعدام حرية التنقل وعدم الترخيص للاجئين بالخروج من المخيم للتسوق مثلا مقارنة بالحرية التي يجدها اللاجئ السوري بمركز سيدي فرج الذي أكد أنه حتى العائلات الجزائرية ترافق السورية للتسوق والاستجمام وزيارة عائلاتها المقيمة في الجزائر بل لاستقبالها في بيوتها.   
 
السوريون لا يتسولون والغجر يشوهون صورتنا
وأبدى المتحدث انزعاجه من تصرف بعض اللاجئين السوريين الذين رفضوا الالتحاق بمركز سيدي فرج، مؤكدا أن هؤلاء من الغجر وقد انتهزوا فرصة الحرب وتوجهوا إلى معظم البلدان العربية باسم الهروب من الحرب كلاجئين سوريين، قصد امتهان التسول كما هو  حالهم في سوريا وأنه سمع أنه بعدما فضح أمر أغلب السوريين المقيمين في الجزائر عبر صفحات الجرائد توجه أغلبهم إلى مدينة وهران قصد المرور إلى المغرب.  
 
تكفل تام ومخازن لحفظ السلع
ومن جهة أخرى، أكد مدير المركز السيد حميد غولي الذي كان في استقبالنا، أن المركز يوفر كل الضروريات اللازمة من أجل إقامة هادئة للعائلات السورية يسهر على خدمتهم 25 عاملا، موضحا أن الهلال الأحمر الجزائري يتكفل بكل الطلبات الخاصة التي يطلبها اللاجئون من حليب وحفاظات للأطفال ومعجون الأسنان أو أي مواد تنظيف شخصية أخرى. ويتوفر المركز على عدة مخازن عبارة عن شاليهات لحفظ كل السلع سواء كانت مواد غذائية أو مواد تنظيف أو أغطية ومنشفات، وهي المواد التي تم توفيرها لتغطية كل طلبات العائلات خاصة وأن المركز تهيأ لاستقبال 200 فرد من اللاجئين السوريين.
يقول مدير المركز أنه حفاظا على تقاليد المشارقة وأهل الشام بالخصوص التي تختلف كثيرا على عادات الجزائريين تقرر توزيع المواد الغذائية والخضر على العائلات السورية لتحضر بنفسها وجبة الإفطار لكي لا يتم فرض الأطباق الجزائرية على اللاجئين وتحسيسهم بحسن الضيافة، وهو ما استحسنه اللاجئون كثيرا وعبروا عن تقديرهم لهذه المبادرة، وكشف السيد حميد غولي أن عدد الأطباق يصل يوميا الى 12 أكلة بين الجزائرية والسورية.
ودعا مدير مركز استقبال اللاجئين كل السوريين بالعاصمة  إلى ضرورة الالتحاق بالمركز حفاظا على صحتهم وصحة أبنائهم وعدم المبيت في العراء، مؤكدا أن كل الظروف مهيأة وأن المركز جاهز لاستقبالهم على أكمل وجه.
 
مواطنون يتهافتون لتقديم المساعدات  
وكشف السيد حميد غولي أن عشرات العائلات الجزائرية من المحسنين تتوافد يوميا على مركزه لتقديم كل أشكال الإعانات التي لا يمكن تصورها وأنه يقوم بجلب العائلات السورية بنفسه لكي تتسلم هذه الإعانات يدا بيد منها، وأوضح المتحدث أنه لا يمكنه تسليم أي لاجئ لأي أحد من أجل التكفل به لأنه مسؤول شخصيا على هذه الفئة، كما كشف المتحدث أن هناك من المواطنين من عرض شققا على اللاجئين إلا أنهم- أضاف – رفضوا وقرروا البقاء داخل المركز.
وأكثر ما يلفت الانتباه داخل مركز استقبال اللاجئين السوريين بسيدي فرج ذلك النشاط الذي لا يتوقف لأفراد الهلال الأحمر الجزائري من أجل السهر على راحة اللاجئين، ويروي في هذا الصدد السيد موردي جمال متطوع بهذه المنظمة كيف استطاعوا إقناع هذه العائلات بالقدوم إلى المركز، وأكد المتحدث أن الهلال الأحمر لم يكن أبدا غائبا عن عملية التكفل باللاجئين خاصة وأن الكثيرين منهم لم يكن بوسعهم تأمين الإقامة في الفنادق أو الشقق فأقنعتهم بضرورة اللجوء إلى مراكز الاستقبال وكان لهم ذلك.